هف بوست عراقي ـ شخصيات عرفتها ١٧
المرجع الشيخ بشير النجفي
د. صلاح عبد الرزاق
الأسرة والنشأة
ولد بشير حسين بن صادق علي بن محمد إبراهيم بن عبد الله اللاهوري عام ١٩٤٢ في ومدينة جالندهر في ولاية بنجاب الشرقية بالهند ، واسمه مركب (بشير حسين). وكان جده الشيخ محمد إبراهيم الباكستاني (توفي ١٩٦٢) وهو زعيم عشيرته وعمه مولانا خادم حسين (توفي ٢٠٠٠) من علماء الدين. وأسرته من الأسر المعروفة بمكانتها العلمية والاجتماعية في لاهور. وكان لجده مناظرات ومناقشات علمية مع رؤساء المذاهب الإسلامية ومع الهندوس.
هاجرت أسرته إلى الباكستان عام ١٩٤٧ بعد تقسيم الهند واستقلال باكستان عنها. سكنت الأسرة في منطقة باتابور في ضواحي لاهور. وكان لوالده ديوان عامر يرتاده القاصي والداني من طبقات المجتمع ، ويشهد مناظرات مع بقية الفرق الإسلامية. وقد توفي والده عام ١٩٨٤ ، ودفن إلى جانب والده في مقبرتهم الخاصة.
في عام ١٩٦٥ هاجر إلى النجف الأشرف للدراسة في الحوزة العلمية واستقر فيها حتى اليوم.
للشيخ النجفي أربعة أبناء هم نصير الدين و محمد وحيدر ، وعلي النجفي الذي يمثل والده في المحافل العامة والاجتماعات ويتحدث العربية بلهجة نجفية طليقة.
للشيخ النجفي ثلاثة أشقاء:
١-منظور حسين وهو أخوه الأكبر وهو رجل دين وخطيب ومدرس في الحوزة. وقد درس في قم . وأصبح مديراً لمكتب أخيه الشيخ بشير النجفي في مدينة لاهور.
٢- نذير حسين يعمل في قطاع التجارة وهو أكبر سناً من الشيخ بشير.
٣- شريف حسين يعمل في قطاع التجارة أيضاً وهو أصغر سناً من الشيخ بشير النجفي.
الدراسة في الحوزة العلمية
في النجف الأشرف درس البحث الخارج عند السيد أبو القاسم الخوئي ، ودرس (كفاية الأصول) عند محمد كاظم التبريزي في مدرسة الشربياني. ودرس الفقه والأصول عند السيد محمد الروحاني لمدة سبع سنوات. في عام ١٩٦٨ بدأ بتدريس (السطوح) للمبتدئين في المدرسة المهدية الواقعة خلف جامع الطوسي، وفي المدرسة الشبّرية ، وفي مسجد الهندي في سوق الحويش ، ثم درّس البحث الخارج في الفقه والأصول.
باشر بتدريس الفقه والأصول منذ عام ١٩٧٤ في المدارس العلمية الآتية:
١-مدرسة دار الحكمة التابعة للمرجع السيد محسن الحكيم
٢- مدرسة دار العلم التابع للسيد الخوئي.
٣- المدرسة الشبرية
٤- مدرسة القوام المجاورة لمسجد الطوسي
٥- مسجد كاشف الغطاء
٦- مسجد الهندي.
مرجعيته
يعد الشيخ بشير النجفي أحد كبار مراجع الدين في النجف الأشرف مع الشيخ محمد إسحاق الفياض بعد المرجع الأعلى السيد علي السيستاني على مستوى العراق. وقد صدرت رسالته العملية بعنوان (الدين القيم) بالعربية ، وترجمت إلى الإنكليزية والأوردية والكجراتية وهي إحدى اللغات الرسمية في ولاية كجرات الهندية.
آراؤه وفتاواه
– يعد الشيخ النجفي رسم صور المعصومين وغير المعصومين من أهل البيت (ع) حرام ، ونسبة هذه الصور إليهم من كبائر الذنوب.
– يجوز التطبير في العزاء الحسيني ولكن بشروط ، الأول: أن الشخص يعلم أن هذا العمل لا يؤدي إلى وفاته أو يتسبب في إعاقة أحد أعضاء جسمه. الثاني: أن الظرف الزماني والمكاني لا يتسبب بتشويه المذهب وابتعاد الناس عن الدين. والثالث: أن تكون نية الشخص من هذا العمل هي إظهار مظلومية الإمام الحسين (ع) وإبراز جرائم أعداء أهل البيت (ع).
– لا يجوز تكفير من يقر بالشهادتين أي التوحيد ونبوة محمد بن عبدالله (ص) وبالقيامة ، ولا يرفض ما ثبت أنه من الدين الإسلامي.
– الدعوة إلى الوحدة بين الشيعة والسنة ، ويخالف تطرف الوهابية والسلوك العنيف لها.
– وحدة المرجعية حيث اتفق مع السيد محمد سعيد الحكيم والشيخ إسحاق الفياض على أن قضايا العراق وشؤونه السياسية تعود للسيد السيستاني.
– يعد النجفي الجمهورية الإسلامية بأنها صوت الشيعة والمسلمين. وطالب بتعزيز العلاقة بين إيران والعراق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
– يرى النجفي وجوب خروج القوات الأجنبية من العراق.
– له تصريحات خاصة ببعض الشؤون السياسية كالانتخابات البرلمانية.
مؤلفاته
١-) الدين القيم) رسالته العملية عبادات ومعاملات – في ثلاثة أجزاء
٢- وقفة مع مقلدي الموتى
٣- مرْقاة الأصول
٤- مناسك الحج
٥- خير الصحائف في أحكام العفاف
٦- مائة سؤال حول الخمس
٧- هداية الناشئة
٨- أعمال وأحكام شهر رمضان المبارك
٩- ستبقى النجف رائدة حوزات العالم
١٠- الخريت العتيد في أحكام التقليد
١١- مصطفى الدين القيم
١٢- المرشد الشفيق إلى حج البيت العتيق
١٣- المنهل العذب لمن هو مغترب
١٤- بحوث فقهية معاصرة
١٥- شرح معالم الأصول
١٦- رسالة الدائرة الهندية في أحكام القبلة
١٧- رسالة في الاعتكاف
١٨- رسالة في العدالة
١٩- رسالة في أحكام الغيبة
٢٠- رسالة في قاعدة ما يضمن بصحيح
٢١- شرح كفاية الأصول
٢٢- تنقيح الرواة (مخطوطة )
٢٣- بحثٌ مفصل في علم الدّراية (مخطوطة)
٢٤- شرح منظومة الحكيم السبزواري (مخطوطة)
٢٥- شرْحُ مطالب القوانين في الأصول، وصَل فيه إلى مبحث الأوامر (مخطوطة)
٢٦- رسالة في الدائرة الهندية وتعيين القبلة (مخطوطة)
٢٧- تعليقه على شرح التجريد (مخطوطة)
٢٨- شرح على ارْث اللمعة (مخطوطة))
٢٩- رسالة في أحكام الراديو والتلفزيون والتمثيل (مخطوطة)
٣٠- رسالة في الخمس استدلالية (مخطوطة)
٣١- رسالة في صلاة الجمعة (مخطوطة)
٣٢- الناصبي ، كتاب للرد على شبهات أحد النواصب (مخطوطة)
٣٣- التائب حبيب الله
٣٤- الشعائر الحسينية ومراسيم العزاء
٣٥- ولادة الإمام المهدي (عج) (مطبوعة عدة طبعات وترجم إلى اللغة الأوردية
٣٦- مختصر الأحكام وهو مختصر الرسالة العلمية بلغة الأوردو (مطبوعة)
٣٧- إلى الشباب وهو جملة من توجيهات وإرشادات سماحة المرجع (دام ظله) إلى الشباب (مطبوعة عدة طبعات، ومترجمة للغة الأوردية)
٣٨- (الدِّين النَصِيحة) إلى طلبة العلم
٣٩- الغدير إطلالة وأعمال
الهيئة العراقية للغذاء
في 10 كانون الثاني 2004 رفع وزير التجارة الأسبق علي عبد الأمير علاوي (وزير في حكومة مجلس الحكم) مقترحاً إلى مجلس الحكم تضمن تشكيل هيئة عليا للغذاء وهي أول هيئة تراقب الذبح الشرعي في العراق. تتولى الهيئة مهمتين رئيستين:
الأولى: توفر الشروط الصحية في الغذاء من خلال فحص الأغذية المنتجة محلياً والمستوردة إلى العراق ووضع شروط محددة يتم إلزام المجهز أو المنتج للإلتزام بها .
الثانية: توفر الشروط الشرعية بحيث يكون المستهلك مطمئناً إلى أن اللحم المعلب أو المجمد هو لحم حلال وذلك من خلال وجود ختم يؤكد بأن الحيوان قد تم ذبحه على الطريقة الإسلامية (لحم حلال).
وتضمن المقترح أن تتشكل اللجنة من الجهات التالية:
1- وزارة التجارة (قسم السيطرة النوعية)
2- وزارة التخطيط (الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية)
3- وزارة الصحة (معهد التغذية)
4- الأوقاف (ديواني الوقف الشيعي والوقف السني)
كانت هناك خطورة بدخول كميات كبيرة من الأغذية المعلبة وخاصة اللحوم التي تحمل ختماً يضعه المجهز يشير إلى كون اللحوم هي (ذبح حلال) وهي في الحقيقة مزيج من الشحوم والدم الحيواني وهو أمر يدخل في موضوع الغش التجاري ويسبب من الناحية الشرعية إحراجاً للمواطن العراقي . كما أن دخول مثل هذا النوع من المواد المعلبة دون رقابة صحية يؤثر على المدى البعيد في صحة الإنسان.
بدأت الهيئة أعمالها بعقد اجتماعات دورية بهدف دراسة الوضع الحالي للأغذية في العراق، وتبين عدم وجود رقابة على الأغذية المستوردة ، لا صحية ولا شرعية. ووجدت لحوماً مستوردة من دول عديدة تفتقد لشروط الأمن الصحي أو مشكوك في حليتها كاللحوم المستوردة من الهند والصين وغيرها. كما وجدت أن عمليات خزن ونقل اللحوم تفتقد إلى أبسط الشروط الصحية والمواصفات العالمية.
أخذت بعض المؤسسات الدينية وغير الدينية باستيراد لحوم ودجاج مختوم عليه (ذبح حلال) . وهذا أمر غير مؤكد لأنها تفتقد للرقابة الدقيقة في بلد الاستيراد الأجنبي. وصارت العملية أقرب إلى الهدف الربحي والمصلحة منه إلى تحقيق الجانب الشرعي.
كنت عضواً في اللجنة المذكورة وأمثل الوقف الشيعي أنني كنت مديراً عاماً للعلاقات والإعلام في الديوان. ومن خلال خبرتي الطويلة في المهجر وعدم الاطمئنان للذبح الحلال التجاري قررت زيارة مراجع النجف الأشرف لمناقشة الأمر ومعرفة فتاواهم وآراءهم فيما يتعلق باللحم المستورد وحتى الداخلي. فزرت مكتب السيد السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ إسحاق فياض والشيخ النجفي.
مع المرجع الشيخ بشير النجفي
في الأول من نيسان عام ٢٠٠٤ توجهت إلى مكتب المرجع الشيخ بشير النجفي حيث استقبلني ولده الشيخ علي بترحاب، ثم دخلت إلى غرفة الضيوف حيث أشار عليّ بمكان جلوسي. وهي المرة الأولى التي أزور الشيخ . بعد أن مكثنا قليلاً دخل الشيخ النجفي بعمامته الكبيرة ولحيته البيضاء الطويلة. رحب بي وسألني عن الوقف الشيعي، وتمنى لنا التوفيق في عملنا.
بعد أن شرحت له مهمتي وجهت له مجموعة من الأسئلة. في البداية كان يدافع عن اللحوم المستوردة الموجودة في الأسواق، ولما ذكرت له أنها تستورد بلا رقابة ، والعراق ليس مثل بقية الدول الإسلامية التي ترسل أشخاصاً مختصين للإشراف على الذبائح المستوردة لبلدانهم. وأن هناك شركات تريد جني أرباح ، فكيف نعتمد عليها، تغير كلام الشيخ وأخذ يتحدث عن شروط الذبح الشرعي وأن يكون الذابح شيعياً إثنا عشرياً، ، وأن يترك الحيوان يرفس بعد ذبحه لأن الحركة تُخرج الدم. كما ذكر سماحته أن بعض الفرق الإسلامية لا تشترط استقبال القبلة أو البسملة على الحيوان.
وأخذ سماحته يتحدث عن أضرار اللحوم المعروضة في الأسواق، وأن الحيوانات تعلف من أعلاف تساهم في سرعة النمو ، وتستخدم هرمونات تسبب ضرراً صحياً كبيراً ، وأنه ثبت ذلك طبياً. وأن بعضها يسبب السرطان مثل لحوم المصلحة (شركة حكومية). وطلب مني إلفات نظر الهيئة إلى هذه الأمور . كما اقترح الشيخ النجفي استيراد الحيوانات الحية ثم يتم تصنيع اللحوم في العراق. فقلت له: إن استيرادها حية يكلف كثيراً ، وقد تحدث وفيات أثناء نقلها من البلدان البعيدة، فقال: من الأفضل دراسة الجدوى.
زيارات متكررة لسماحته
في شهر تشرين الثاني ٢٠٠٧ عقد الوقف الشيعي مؤتمره السنوي في النجف الأشرف. وكانت مناسبة لزيارة مراجع الدين وتعريفهم بنشاطات وأهداف ومشاريع ديوان الوقف الشيعي. وقد زرنا سماحة المرجع الشيخ بشير النجفي حيث استمع إلى تقرير من نائب رئيس الديوان الشيخ الدكتور حسين الخطيب وبقية أعضاء الوفد. وبارك النجفي هذه الجهود والإنجازات وتمنى للوفد التوفيق والنجاح.
بعد استلامي المسؤولية في محافظة بغداد قمت بزيارة إلى النجف الأشرف والتقيت بالمراجع الكبار. في تموز ٢٠٠٩ زرت سماحة الشيخ بشير النجفي حيث رحب بي كثيراً كعادته مع زواره وضيوفه. وقدمت له خطط المحافظة القادمة وأهمية تسريع المشاريع قيد التنفيذ. ثم عرضت لسماحته أهم القطاعات الخدمية والتي تمثلت بمشاريع السكن والمدارس وتوفير الماء الصافي لمعالجة أزمة المياه آنذاك في أطراف بغداد. كان الشيخ النجفي ينصت باهتمام لتقريري ثم أخذ بالكلام ناصحاً ومسدداً متمنياً لي النجاح في عملي.
وتكررت زياراتي لسماحته نظراً لسهولة ذلك واستقبال مكتبه لي في كل الأوقات، دون تعقيد أو تأجيل. كما أن سماحته يمتاز بالتواضع والبساطة وأريحية مع ابتسامة عريضة تبعث السرور في المجلس.
لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)
تابع صفحتنا في فيسبوك مصادر: وكالات – تواصل اجتماعي – رصد وتحرير و نشر محرري الموقع وكالة تنشر النصوص بلا قيود.. المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها اكتب لنا: [email protected] |