هف بوست عراقي ـ عدنان ابوزيد
الرادود الحسيني، ظاهرة دينية واجتماعية تنتشر في المجتمعات الشيعية، ومحور خطابها يتركز على الإحياء والتأبين للمصاب الجلل الذي حل بالإمام الشهيد الحسين بن علي، وأصحابه وعائلته في معركة كربلاء في العام 61 هـ.
والظاهرة التي انحسرت في العراق في حقبة النظام السابق، وكانت تمارس مبطنة، عادت إلى التداول الواسع بعد العام ٢٠٠٣، ليتدفق الناس الى المساجد و الحسينيات للاستماع إلى القصائد الشعرية التي تمجد شهداء كربلاء وتحث على مواصلة الكفاح والمقاومة ضد الظلم والطغيان.
واذا كان الرادود الحسيني يتميز بأسلوبه المؤثر والعاطفي، الا انه في الكثير من الحالات، لم يعد يمتلك المستوى الثقافي واللغوي والوعي المجتمعي، ويفتقر إلى أبسط أساسيات الدين والتشيع، وبدلا من أن يعكس معاناة وألم الإنسان، والتحفيز على الصبر والاحتساب والمقاومة في وجه الاستبداد، راح يخوض في إشكاليات الفتنة التاريخية، بخطاب هابط، منطقا ولغة، وضوابطا.
ولأن القصائد الحسينية اصبحت مع مرور الزمن جزءًا هامًا من التراث الشعبي والديني في العديد من البلدان، وهي تخوض في الرثاء والنوح والمراثي والأمداح، فانها تحتاج إلى تقنين، وضبط، بعد إن أصبحت مهنة من لا مهنة له، وحولها كثيرون إلى أناشيد راقصة، تصدح في قاعات حمراء وخضراء، اقرب ما تكون إلى صالات الديسكو، بل وادخلت جهات، أغاني الراب الغربية إلى ايقاعاتها لتنزع عنها الرمق الأخير من الروحانية والخشوع.
وفي مسألة الخطيب جواد الابراهيمي الذي أصدرت محكمة تحقيق الكرخ حكما بحقه وفق المادة ٣٧٢ من قانون العقوبات لإثارته النعرات الطائفية، فان الرجل وبعيدا عما اثاره من موقف تجاه الشخصية الدينية والتاريخية عمر، فان ظهوره بهذا الخطاب غير الحكيم، وهو يلوك مفردات هابطة، على ألحان الأغاني السوقية، يضر بالخطاب الحسيني
المعروف بسلامة اللغة، ورصانة الموضوع، وعمق الفكرة، بعيدا عن السباب والشتم.
كما حول آخرون، القصيدة الحسينية إلى ما يشبه أغاني وموالات الريف العراقي، على طريقة داخل حسن وحضيري أبو عزيز، ولم يعد البعض يفرق بينها وبين الحفلات والاعراس والقصائد.
ثمة حاجة ملحة، وطنية ودينية، إلى تحصين المنبر الحسيني من الدخلاء عليه، الذي يتصورنه، أمرا سهلا، فهو مجرد ترتيب لكلمات في لحن، فيما هو في الواقع، الخطاب الأخطر الذي يوجّه المجتمع نحو تبليغ الدين والإرشاد.
ولن يكون ذلك الا بالتأسيس لمعاهد اكاديمية مهنية تخرج الرواديد، وتمنحهم الشهادة الاكاديمية الرسمية، بعد تلقيهم علوم الدين والمنطق، واللغة، والتاريخ، وطرق الالقاء والتأثير، والتشبيهات والمقارنات وحقوق الانسان، والاجتماع و إثبات الحجج، وامتلاك الذائقة السمعية والبصرية. ومن يصعد إلى المنبر من دون هذه الشهادة، سيكون محاسبا أمام القانون. عن المسلة
لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)
تابع صفحتنا في فيسبوك مصادر: وكالات – تواصل اجتماعي – رصد وتحرير و نشر محرري الموقع وكالة تنشر النصوص بلا قيود.. المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها اكتب لنا: [email protected] |