جرائم قتل تغطى بالانتحار.. الضحية تقتل وتدفن بلا تحقيق مسؤول

هف بوست عراقي : سارة جاسم

يشهد العراق انتشارا ملحوظاً في حالات الانتحار، ولا تقتصر حالات الانتحار على المراهقين فحسب، بل تتعداه إلى بقية الفئات العمرية، ولكن أخطر ما في الموضوع هو محاولة تغطية بعض الجرائم بغطاء الانتحار لإبعاد الشبهة الجنائية عنهم .

فلا ننسى قصة أحد النساء الشابات من مدينة النجف الاشرف مروة علي فليح ، التي تبلغ من العمر 19 عاماً، متزوجة وكانت طالبة تدرس في المرحلة الاعدادية،قتلت وسجل سبب الوفاة الاختناق شنقاً (الانتحار ) ، حسب تقرير الطبيب الشرعي الأول .

حيث فوجئ ذوي مروة عند الساعة الثامنة صباحاً في 20 نيسان/ أبريل 2022 ، بأتصال والد زوج مروة به ليبلغه بأنها انتحرت ،حيث كانت مروة معلقةً بالثريا في غرفة نومها. رغم أنهيار ذويها الا أن وضعها اثار الشكوك فيهم خصوصا شكواها المتكررة خلال فترة زواجها من العنف والمعاملة السيئة.

بعد الشكوى وطلب إعادة التحقيق المستمرة ومناشدات منظمات المجتمع المدني وتصعيد الرأي العام من قبل المدافعات عن حقوق المرأة، تم تحريك الدعوة، وإخراج الجثة من قبرها، ونقلها إلى العاصمة بغداد وتم اعادة فتح التحقيق و تشريح الجثة وأعادة تقرير الطب العدلي،و بعد مرور أشهر على القضية ، أصدرت محكمة جنايات المحافظة بتاريخ ٢٨ شباط ٢٠٢٣ على أنها جريمة قتل وحكم على قاتلها الذي هو زوجها بالسجن المؤبد بعد أدانته بالجريمة والتستر عليها بتزييف الحقائق .

قصة من قصص عديدة قد تقتل وتدفن وتنتهي بمسمى الانتحار ،فقد ضجت مواقع التواصل يوم أمس ٢٦ نيسان ٢٠٢٣ ، بفيديو للفتاة رانيا ذات ال١٧ عاماً التي يزعم ذوي والدها المنفصل عن والدتها أنها انتحرت ، رغم أن أمور كثيرة تثير الشكوك، ولكن رغم هذا تم أصدار شهادة وفاة قبل تقرير الطب العدلي ودفن الجثة وأجراء مراسيم الفاتحة التي أعلنت على أنه صعقة كهربائية.

نتسائل أين دور المحققين والأدلة الجنائية التي تمنع المواطن من تحريك الجثة والتلاعب بمكان الحادث فور وقوعه ، كما أن هناك تهم من بعض المنتسبين توجه للقضاء بأنه يخضع للمناطقية، مثل المناطق تحت سلطة العشائر والميليشيات فيكتب شهادة الشاهد من دون اللجوء إلى التحقيقات، بالأضافة الى الرشاوى التي تدفع لبعض الضباط لتغطية هذه الدعاوى .

و بعض حالات الانتحار تكون بالتحريض عليها من المقربين لتجنبهم أرتكاب جناية ودخول السجن ، ورغم وجود قانون يعاقب من يحرض على الأنتحار لكن هناك ثغرات قانونية للإفلات من العقاب، فالقانون العراقي يجرّم من حرّض أو ساعد على الانتحار بأي وسيلة كانت، ويعاقبه بالسجن من خمس إلى سبع سنوات بموجب المادة 408 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969

لذا أن تطبيق المادة يتطلب وفاة المنتحر لكي يُعدّ المحرّض أو المساعد على الانتحار مجرماً، فإذا حاول الشخص الانتحار بتحريض من آخر أو بمساعدة منه ولم يُتوفَّ، فلا يُعدّ المساعد أو المحرّض مجرماً لأن القانون العراقي لا يرى الشروع في الانتحار جريمةً ولأنه علّق تجريم التحريض والمساعدة على الانتحار وربطه بالانتحار أي بالوفاة، مما شكل ثغرةً قانونيةً يفلت بها من ساعد أو حرض على الانتحار من العقاب .

وجدير بالذكر أن هناك إحصائية صدرت من مفوضية حقوق الإنسان عن حالات الأنتحار ،حيث بينت ان هنالك سنوياً 1100 محاولة انتحار مسجلة في العراق، ونصفها وفيات، بينما عالمياً، لكل حالة وفاة بسبب الانتحار هنالك 20 محاولة لا تؤدي الى وفاة ، مرجحين ذلك الى الظروف المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والبطالة والمشاكل الموجودة في البلد تؤدي الى نوع من الاحساس باليأس، وهي عوامل تؤدي الى ضغوطات نفسية قد تنتهي بالانتحار .

ويفتقر العراق إلى منظمات مجتمع مدني مختصة بهذا المجال للعمل على رصد وتوعية المجتمع بهذه الظاهرة ،كما أن الثقافة المجتمعية تقلل من شأن الدعم النفسي والعلاج النفسي الذي يحد بنسبة كبيرة من هذه الظاهرة .

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments