الحفر تحت كهوف الديناصورات

هف بوست عراقي- بعد تجربة متخمة بالإخفاقات، ونجاحات ضئيلة لا تكاد تُحسب، يعوّل عراقيون على الفتوة السياسية، والعصامية، في إحداث تغيير نوعي في طريقة إدارة الدولة، وتحضير سلطة قادرة على تلبية الطموحات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، بعدما أصبح واضحا إن الطبقة السياسية النقلية، امام طريق مسدود، بسبب تقليديتها في الإدارة وتورطها في الفساد، وانعدام ثقة الشعب بها.

ويفسّر انجذاب قطاع واسع من العراقيين، لاسيما الشباب إلى الكيانات الجديدة، والقيادات الشابة، كيف أن العراقيين يمكنهم الانتقال من كونهم منخدعين، إلى اثبات انهم قادرين على الإبداع والنقد البناء، وان قياداتهم الشبابية الجديدة، التي صعدت إلى الواجهة بالعصامية والأفكار الإبداعية، يمكنها تقديم رؤى مختلفة للمشاكل الموجودة واقتراح حلول غير تقليدية، ولن يتم ذلك الا عبر استحداث آليات وكيانات جديدة تنتج السلطة.

ولكي يكون الحديث تحليلا، لا مدحا لأحد، فان هف بوست عراقي تذكّر بانها سوف تستعرض مسيرة كل القيادات الشبابية الجديدة عبر حلقات، بادئة بحسين الرماحي.

واسم الرماحي يتعالى بوضوح على خارطة التغيير السياسي المرتقب، كمهندس ورجل أعمال وشاب طامح، يحفر إسمه بخطوات واثقة ومتأنية.

لم يصعد على أكتاف اسم عائلي، أو على ظهر سياسي متنفذ، أو على حصان مدفوع التكاليف، بل
العمل المجهد المعجون بآلام الشباب، وثوار الساحات، ومن القاع، وكل تلك الصفات اندمجت، في خبرة طويلة في قطاعات الاستثمار والنفط وعالم الاقتصاد.
واندماج تجربة الاستثمار والاقتصاد بالسياسة، حالة مثالية، نادرا ما تجدها بين السياسيين العراقيين التقليديين، الذين ترعرعوا في كهوف الأيديولوجيات من دون خبرة عملية في المجالات الأخرى.
فضلا عن ذلك، فان الرماحي صاحب ذكاء حاد متوقد، بشهادة الشباب الثائر الذي قاده، كما إن اجادته لثلاث لغات أهّلته إلى قيادة منفتحة بخطاب احترافي ومقدام.

حزب قادمون للتغيير الذي أسسه وشارك في الانتخابات النيابية الماضية، كان فرصة في إحداث نقلة
نوعية لسلطة القرار، التي يتلقفها متمرسو السياسة وكهولها، لتكون بيد الشباب الجياش والعصري الباحث عن مستقبل مضمون والمتعطش الى خبز رغيد وتنعم وعدالة بعد موجة الحراكات التشرينية الشعبية.
لم يلهث وراء الأضواء، بل هي التي تسلطت عليه، بعد مشاركة صادمة بالانتخابات بأكثر من 250 مرشحاً في عموم العراق من كل المكونات والأطياف.
وقد دفع ذلك، القوى السياسية إلى رصده بحذر، والتربّص به، وبدون سابق انذار، توالت الدعاوى الكيدية عليه وصولاً الى استبعاده من المشاركة قبل يوم واحد فقط مما يسمى بالعرس الانتخابي.
ووسط التدافع، والمعرقلات، والرياح العاتية، تمكن من حجز ثلاثة مقاعد لمرشحيه الذين ضاع دمهم بين القبائل .

لكن الرماحي قبل المواجهة، بالتصميم والعزيمة على إكمال مشواره بتشكيل تحالف نيابي يضم نحو 12 نائباً مستقلاً لم يتم الاعلان عنه خشية الحاسدين والمتربصين.

النجاحات المتتالية التي فرضت نفسها، دفعت قيادات وزعامات من الوزن الثقيل إلى التوافد عليه، اما لأجل تحالف، او جس نبض، او لاستدراج نحو هدف ما، او لمعرفة من يكون هذا القيادي الشبابي الجديد.
مغناطيس القوى المتنفذة، لم يغير عقيدته المدنية الحرة رغم كل العروض والمغريات، وبدبلوماسية فائقة الحساسية، يعرف كيف يعالج أهداف الذين يقتربون منه أو يبتعدون عنه، فيما هو ماضٍ نحو هدف يدغدغ أمزجة ومشاعر الأغلبية الصامتة المستضعفة.

المتوقع إن تحالفه السياسي، اسما و صميما سوف يثير هلع خصومه، ويبعث السكينة في قلوب أنصاره ومحبيه، لسبب بسيط، هو انه يعمل مستقلا، وصاحب قرار.

وفي عراق مضطرب، يعج بديناصورات السياسة، فان الطريق محفوف بالمخاطر، وتماسيح الميدان لا تعرف الرحمة في محاولة تسقيطه واسقاطه، ومنع وصوله إلى القمة.

العراق في حاجة إلى الحماس والطاقة والتمثيل المتنوع والشفافية وتجديد القيم والأخلاق والاستدامة على المدى الطويل، ولن يتحقق ذلك الا بمغادرة حقبة الكهوف إلى العصر الجديد.

 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

3001 

3 1 vote
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments