هــ بــ عــ –
بهاء زهير أحمد القيسي
الثقافة.. رأس الرمح الذي أنتهىٰ معلقاً على جدار مقهىٰ كحلية ديكور من زمن مفقود .
ما هي الثقافة؟.
لا أحد يجيد وصفها، ولا يستدل على هويتها الحقيقية، أو حتى لدينا ملامح رئيسية لها يمكن من خلالها تحديد جنسها.
هل هي التراث التراكمي مما هو مطبوع من رواية وشعر وترجمه وغيره.
يمكن ان تعيش الأعمال الثقافية طويلاً الى زمن بعيد لكن ليس منتجيها، حيث تهمل الأجيال الخالق وتتعلق بالمخلوق.
بالطبع هذا الرأي الذي استقرئت بهذه الحقبة، ولا اتحدث عن غيره من أزمان خلت.
وكل من لديه وصف تعريفي لها أو صورة أتمنىٰ أن يزودنا به.
نحن نعرفها فقط من خلال النمطية في التعريف القاموسي اللغوي، وبعض الصور التقليدية للمشتغلين بها والتي تتكرر أسمائهم في كل نادي وقاعة ومركز ثقافي وبكل مناسبة، شئنا أم أبينا.
هل الثقافة عمل لمن لا عمل له؟.
يمكن ان تكون الثقافة عملا مهنيا ويحتوى داخل نظام نقابي، لكن ليس الجهد الإبداعي حيث انه لا يتحدد بكيان او غيره و الذي يمكن أن يكون متوافراً لدىٰ الكثير، لكن الذي لا تسبق أسمائهم كنيات مثل الأديب، الشاعر، الناقد الفلاني .
الأديب العراقي في الأجيال السابقة التي خلت كان يعدون عليه أنفاسه من خلال الأجهزة الرقابية ويشكو قلة قنوات ومصادر النشر..
لكنه كان يتمتع بقدرة متميزة في العطاء النوعي ومعروف بنسبة طيبة وليست هائلة عالمياً كما يتحدثون عنه كنوع من الزهو المبالغ به.
أما اليوم فيوجد ما لا يخطر على البال من وسائل الأعلام والترويج والنشر.
ورغم هذا الثقافة العراقية ومنتجيها تقبع في مرحلة خجولة في مجال تأثيرها في وعي المتلقي والقارئ بصورة عامة لا يترقب الإصدار العراقي كما يحدث مع المؤلفات المصرية مثلاً.
الثقافة ليست دواء لمعالجة الاضطرابات السلوكية الشخصية والمجتمعية ولا يقع عليها دور مركزي في تصليح البشر بقد ما تكشفه الثقافة في بيان الخلل في حال إبداعي من علم النفس وغيره من العلوم المجتمع الأخرى تتكفل بهذا، أي اصلاح ومعالجة الأزمات؟.
أن محاولة تعليل تراجع الثقافة في العراق على انها تأثرت سلباً بسبب الحرب، النظام البوليسي، الاضطهاد الحصار، التهميش والطائفية، التدين والتمذهب، الفقر والتأثر بالثقافة الأجنبية الموجهة ..
جميعها صحيح لكن بنسبة معينة.
العلة تكمن في محاولة الوصول اليائسة للثروة والمكانة والسمعة العالمية من قبل المشتغلين بالثقافة والذي لاحقاً ينعكس على المنتج الثقافي من خلال التحاق شخصيات مبدعة بمعسكرات تسخير إمكانياتهم لصالحها والتي تخلق منهم وحوش بنكهة الفراولة والقائمة طويلة بالأسماء وستطول لاحقاً اكثر.
الثقافة حديقة يانعة، لكن المثقفين بدوا بربطة عنق، ما أن تدوس علىٰ ذنبه حتى ترىٰ عجبه.
يعني الثقافة لم تعمل على تهذيبه أو تغير الطبائع العرفية فيه.
المشهد الثقافي العراقي (خرق وعرق ومرق ونفق).
ببدلة براند وساعة رولكس مقلدة طبعاً مع شارب وشعر رأس مصبوغ اسود بالون القار، وكرش متدلي وذقن حليق، مظهر جيل الأساتذة الأرستقراطي الحالي ويحرص هذا النوع علىٰ أن يكون هاتفه أخر موديل، وكل ما ينهي مكالمة فيه يصرح ان هذا الهاتف قدم له كهدية من صديق، وهو لا يحتاجه ولا يجيد استعماله، ولا أعلم ما الغاية من هذا التصريح المشترك للجميع.
هذه الشريحة دوماً تحرص علىٰ وجود العصفورات الىٰ جوارهم، رغم ان العصفورات مفتحات باللبن وهو أيضاً يعلم انه ليس في وقت المشمش، لكن الروح خضرة كما يصطلح قولاً.
ويمكنكم تخيل حوار يجري بينهم يبتدئ بكيف حالكِ قديستي الجميلة، وينتهي (بهسة شنو لابسة).
الجيل الشاب لا ملامح ثقافية لديه مجرد شكل مكون من كل زيج رگعة، سلوكاً وتأثراً حتىٰ أنه يقلد السابقين من باب التراث والحاضرين من باب التأثر بمصاحبتهم، طبعاً أما هم كنتاج مستقل، فهم عبارة عن هريسة ان صح التعبير، من جمع محاولات وأساليب وابتعاد عن التقليدية وتقارب مع الواقعية وهروب من الحياتية وتقارب مع نمط عيش غربية مع المحافظة على البدوية، ولا اعلم لما ينخرطون في نشاط سياسي يميني إو يساري ربما تقليعة أو غيرها .
النساء والثقافة في العراق
لا وجود لمثقفات عراقيات داخلياً الآن، كل من يشتغلن في هذا المجال هن نتاج تأثر قديم من احتكاكهم اليومي للصحف او المطبوعات التي منحتهم البعض من صفات الثقافة العامة والتي هي في مجملها أبجدية تعاملهم المهني كالعمل في دار نشر او جريدة او دار ترجمة في أغلب نتاجات المثقفات يعتمدن على الشعر الحر (حتى تفتي بما يحلو لها ) كمنتج مقدم . اما القصة او الرواية التي تئن من الحشو الرومانسي الذي لا نعرفه سوى بمشاهد الأفلام المصرية في اقتباس هزيل من القصص العالمية فهي محاولة لتنفيس كوابت في الاول لشخصها وثانياً لجيلها وإرهاصاته، ويمكن ان نستثني بلا شك بعض الأسماء الفعالة لكنها منزوية بلا حضور اجتماعي.
الثقافة في النهاية، ليست معرفة الأسماء والعناوين المشهورة وهذا سلوك وأسلوب تعريفي ملموس من الكثير ان صح قولي فيهم.
الثقافة الحقيقة هي الدخول من سم الخياط بمفاهيم كبيرة الىٰ وعي بسيط محدود يمكن من خلال احداث تغير ليس لشريحة واسعة من البشر لكن لشخص واحد فقط من خلاله يكمن التغير تدريجياً.
اما الأحلام الوردية فليس لها واقع علىٰ الأسفلت الاسود للبشر.
1322
لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)
تابع صفحتنا في فيسبوك هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود.. المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم: 0031613350555 |