بغداد – هف بوست عراقي
يبدو أن العراق لا يزال يتصدر العناوين على الصعيدين المحلي والدولي، ولكن هذه المرة ليس بسبب إنجازات ثقافية أو تاريخية، بل بسبب ظاهرة تفريخ المزارات الدينية الوهمية.
وعلى الرغم من أن بعض هذه المزارات تحمل أسماء خرافية وخيالية، إلا أن بعض رجال الدين يؤكدون لـ منصة “هف بوست عراقي” أنها بعيدة عن التاريخ والإسلام، وتعتبر استغلالا لجهل الناس ورغبتهم في تحقيق النجاح والصحة والرزق.
وقال رجل الدين عبد الحسين الياسري ان ما يحدث ليس له علاقة بالدين بل ظاهرة اجتماعية، موجودة في الكثير من البلدان.
وفي هذا السياق، تظهر المزارات التي لا يعترف بها الوقف الشيعي، ولا يرضى عنها رجال الدين الشيعة، ويقفون عاجزين أمام جهلة وتجار الدين الذين ينشئونها من أجل جمع المال، ويتم ترويجها بشكل واسع بين الناس.
يرى رجل دين، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن هذه المزارات تمثل تجهيلًا متعمدًا للناس، خصوصًا الجيل الجديد الذي بدأ يصدق هذه القصص ويجدها مصدرًا للحظ والنجاح.
ومن بين هذه المزارات، يشير رجل الدين إلى مرقد حديث تحت اسم “النخلة العلوية” في النجف، والذي لا يعرف كيف تأسس أو على أي أساس تاريخي، ويبقى مصدرًا للتساؤلات والاستهجان.
هذه الظاهرة تطرح تساؤلات حول دور الحكومة والجهات الدينية في مكافحة هذه الظاهرة وتوعية المجتمع بأهمية العلم والتاريخ الحقيقي، وضرورة عدم الانسياق وراء الخرافات والأساطير.
من بين هذه المزارات الوهمية، ظهر مربط حصان الحمزة في الديوانية، حيث يُزعم أنه مكان لطلب المراد والتبرك، ويرى البعض في ذلك محاولة للاستفادة من جهل الناس وميلهم للدين والتدين.
وفي هذا السياق، يشير مصدر في الوقف الشيعي إلى أن العديد من هذه المزارات غير تابعة للوقف، وأن الناس هم من يقيمونها، مما يعكس ضعف السلطات في مكافحة هذه الظاهرة وعدم قدرتها على لجمها.
يتساءل الكثيرون عن دور السلطات في مواجهة هذه الظاهرة، ويشير البعض إلى أن السلطات تفتقد إلى القدرة على التصدي لهذه الممارسات نظرًا لخشيتها من التصادم مع الذين يؤمنون بهذه الأفكار والمعتقدات.
وفي حين أن العدد الرسمي للمزارات في العراق يبلغ 167، إلا أن العديد من المزارات الوهمية لم يتم تسجيلها رسميًا، وتظل قابلة للزيادة بسبب استمرار عمليات الاكتشاف التي يقوم بها تجار الدين، الذين يستغلون جهل الناس وضعف السلطات لتحقيق مكاسب شخصية.
و تتزايد ظاهرة المزارات الوهمية في العراق بسرعة مذهلة، حيث يديرها تجار صغار يستغلون جهل الناس واستعدادهم للتضحية والتبرك بأماكن يظنونها مقدسة. وتتزايد هذه الظاهرة نتيجة استمرار ظهور أماكن مزعومة جديدة، في حين يعيش العقل الجماعي في حالة من الغيبوبة والتخلّي عن المنطق والتفكير النقدي.
ويقول الناشطة تمارة الخزرجي انه وبالنظر إلى المشهد السياسي، فإن بعض الجهات تستفيد من هذه الظاهرة كونها تشتت انتباه الناس وتمنحها فرصة للتغضّن عن المشاكل الحقيقية التي تواجههم، وتجدر الإشارة إلى أن الفساد المتفشي في الأوقاف الشيعية والسنية، يعتبر داعمًا لفساد النظام السياسي.
وفي تصريحات للناشط غيث التميمي، الذي كان رجل دين سابقًا، أشار إلى خطورة هذه المزارات على أمن الدولة والمواطنين، حيث تمثل بابًا لغسيل الأموال وتهريب العملة وتخزين الأسلحة، بالإضافة إلى دورها في تغذية جهود الرصد والتجسس.
ومن بين المزارات الوهمية الشهيرة في العراق: مزار خضروات، ومزار هيلة، والتي تبرز بوضوح الوهمية والسخرية التي تميز هذه الظاهرة الخطيرة.
يتطلب مواجهة هذه الظاهرة التدخل الحاسم والفوري من السلطات لوضع حد لهذه الاستغلالية الخطيرة وحماية المواطنين من سوء الاستخدام الديني والمالي الذي يعانون منه.
وأثارت وفاة سبعة أشخاص وإصابة ستة آخرين في حادثة القطارة بمحافظة كربلاء في العراق، جدلاً واسعًا حول دور المزارات الوهمية وتأثيرها على الأمن العام وسلامة المواطنين.
وفي هذا السياق، تجددت المطالبات من قبل الصحفيين والناشطين بضرورة هدم هذه المزارات ومحاسبة القائمين عليها، لمنع تكرار حوادث مماثلة في المستقبل. وأثيرت النقاشات حول أماكن المزارات الوهمية في العراق.
ومواجهة هذه الظاهرة يتطلب تعاونًا شاملاً بين السلطات المحلية والمجتمع المدني، واتخاذ إجراءات حازمة للحد من انتشارها ومنع استغلالها لأغراض غير شرعية.
وفي عام 2017، عثرت القوات العراقية على ضريح مزيف في مدينة سامراء شمال العراق، والذي بُني من قبل تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على المدينة، مما يُظهر استخدام الجماعات المتطرفة لهذه الطريقة لتعزيز نفوذها وتأثيرها.
وفي عام 2020، كشفت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراقية عن وجود العديد من المراقد الدينية الوهمية في مدينة كربلاء، التي بنيت من قبل أشخاص يسعون للربح المالي من خلال استغلال مشاعر الزائرين والمؤمنين.
وفي عام 2023، أعلنت مديرية شرطة محافظة ميسان عن ضبط شبكة متخصصة ببناء المراقد الدينية الوهمية، حيث كانت هذه الشبكة تقوم بإنشاء هذه المراقد في مناطق نائية وتروج لها على أنها أماكن مقدسة لجذب الزائرين، مما يُظهر تورّط جماعات متخصصة في هذه الممارسات.
2٬976
لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)
تابع صفحتنا في فيسبوك هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود.. المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم: 0031613350555 |