من تحليل إلى كوميديا تهريج: مأساة المحللين البوقيين في العراق

بغداد – هف بوست عراقي

عدنان أبوزيد

في خضم الجدالات السياسية الهزيلة التي تعصف بالعراق، تبرز ظهور ظاهرة المحللين السياسيين كعناصر تهريجية، بأسلوب مثير للجدل. فهؤلاء المحللون، يتلقون أجورًا مغرية مقابل تقديم تحليلات تطبيلية للأحزاب والجهات ذات النفوذ، ويشكلون تهديدًا واضحًا لمبادئ الديمقراطية وسلامة النقاش العام. أما الاستثناء، فهو القليل.

ويقول باحث أكاديمي، وأستاذ جامعي فضح عدم ذكر اسمه، ان وجود هذه الظاهرة يكمن في تفاقم الانحياز والتبعية لمصالح محددة، والتي تعكسها التحليلات المتحيزة والموجهة، وهم يتلقون استقبالًا حافلًا من قيادات الحكومة، مما يثير تساؤلات حول حدود النزاهة والمهنية في تقديم تحليلاتهم.

يضيف: أسس المحللون المنتسبون للأحزاب “مراكز الدراسات”، و”البحوث” والتي تعتبر في الواقع مجرد أدوات لطلاء السياسيين وتبرير قراراتهم، بدلاً من تقديم تحليلات حقيقية وموضوعية. وبالتالي، فإنه من الصعب العثور على محلل سياسي في العراق يتمتع بالحيادية والموضوعية المطلوبة.

يظهر الواقع أن التحليل السياسي أصبح مهنة من لا مهنة له، وليس هدفًا لتقديم الرؤى المهنية والموضوعية. فتحولت برامج الحوار السياسي إلى منصة للعرض الدرامي الفني، حيث يقوم المحللون بأداء أدوارهم كممثلين، دون تقديم تحليلات عميقة أو موضوعية.

وفي عمق الساحة السياسية في العراق، تنبض محاور تتلاعب بالمصطلحات، وتكشف عن حقيقة واقعية صادمة.

يتجلى المحل السياسي في العراق كـ “بوق” بكل معنى الكلمة، حيث يميل إلى التعصب والتحيز، ويتخذ من مواقفه وتحليلاته ساحة لترسيخ مواقفه الشخصية دون مراعاة للموضوعية أو الحياد. فلا يمكن اعتبار تحليلاتهم مهنية بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل هي محاولات لإثبات جهة النظر السياسية التي ينتمون إليها.

وفي هذا السياق، يظهر المحللون الذين يعتبرون “دخلاء” في عالم التحليل السياسي، فهم ليسوا قادرين على كتابة عمود صحفي بشكل مستقل ومهني. إذ يجدون أنفسهم محصورين في إطار ضيق يفرضه عليهم ضعف خلفياتهم التعليمية والأكاديمية، والانحياز والتوجهات المحددة، ويصبحون أدواتًا لتنفيذ أجندات سياسية معينة.

ويبدو المحلل السياسي في العراق وكأنه سلعة قابلة للبيع والشراء، حيث يتم تحليله واستغلاله بحسب مصالح الجهات السياسية المتنافسة. فهو قد يُباع أو يُشترى بمقابل مادي أو مواقف سياسية.

وما أكثر الحوارات السياسية التي تتوسل بالأشخاص لجذبهم إلى برامجها، وتقدم لهم النصوص الجاهزة للقراءة، دون أن تكون هذه الحوارات بناءة أو مفيدة. فتحولت إلى مسرحية فنية للعرض، حيث يقوم المحللون بأداء أدوارهم كممثلين، ولكن بدون أداء مقنع أو تأثير فعّال.

هذه المحاور السياسية الصادمة تكشف عن واقع مرير يعيشه المحل السياسي في العراق، حيث يفتقد إلى الحيادية والموضوعية، ويصبح وسيلة لتحقيق مصالح سياسية ضيقة الأفق، مما يعيق تطوير بيئة سياسية صحية ومنفتحة على الحوار والتعاون المثمر.

في ظل هذا السياق، يواجه المحللون المستقلون والمهنيون والاكاديميون صعوبة في الظهور والتأثير، رغم محاولاتهم الجادة في الحفاظ على الحياد والموضوعية. فالضغوط السياسية والتحديات المتعددة تجعل من الصعب عليهم التعبير بحرية وموضوعية.

و تشويه مبادئ الديمقراطية والتلاعب بالتحليل السياسي يمثل تهديدًا خطيرًا على الساحة العراقية، لذا يجب تعزيز دور المحللين المستقلين وتشجيع التحليل السياسي الهادف والمهني، لضمان توفير بيئة نقاشية صحية وموضوعية تخدم مصلحة الوطن والمواطنين.

2566

 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments