زمن السلاطين

بغداد – هف بوست عراقي

فاضـل الچــالي

منذ مدة اتابع المسلسل التركي ( محمد الفاتح) كلما أُتيحَ لي الوقت، تركز اهتمامي على بعض وقائعه السياسية والاجتماعية وكيف تدار السلطة في السلطنة العثمانية، ما شدني فعلاً بعد ان تتبعت الجوانب التاريخية ليس في هذا المسلسل فحسب بل حفزني للقراءة والمشاهدة لليوتيوب الرصينة كيف كان السلاطين يعالجون المشكلة المستديمة كلما برزت معضلاتها امامهم

كانت تلك المشكلة المزمنة تتمحور حول (الانكشارية)*، الذين يعدون ميليشيا تتمحور طاعتها للقائد الأعلى وليس للدولة والسلطان مع انهم يساندون الدولة كلما خاضت حرباً ولكن بشروطهم هم لا بشروط السلطان والدولة، مما يعني ان لا سلطان على عنفهم وغضبهم وانقلاباتهم ومزاج قيادات تلك الميليشيا حتى انهم اعدموا العديد من السلاطين، تحت تهم ايسرها ضعف السلطان، كلما عارض السلطان رغباتهم او قلل اعطياتهم او منعهم من إيذاء الناس…. ما يعصف بأي بلد وينهي وجوده هو نزوات البعض وتقلباته الذهنية والعصبية وجــموحـــه العاطفي علاوة على انه يرى نفسه فوق الدولة بالدولة.

اكبر خطر وربما اكثر خطراً من الاحتلال البغيض، هو اجتماع شذاذ الافاق او الذين يعانون من اعتلالات نفسية، وكراهية وبغض للمجتمع يصبحون قنبلة موقوتة ان لم تأخذ الدولة والحكومة دورها في لجم أمثال هؤلاء.

أتذكر ان اخطر أنواع الوشاية التي أودت بحياة الكثيرين اعداماً او سجوناً سرية وتعذيب ما قبل العام 2003، كانت بسبب أولئك الافراد الذين يسكنون في مناطق منسجمة مع بعضها فيأتي احدهم ممن لا قبل له بعشيرة او مدينة محترمة هادئة مسالمة تستمد قوتها من الاستقرار الاجتماعي، فينخر تلك التوصيفات بلجوئه الى حزب او دائرة امن ليتقوى بها على تلك المناطق من خلال التهم الباطلة او الابتزاز.
ولولا ان الامر مضى لضربنا الأمثلة بالأسماء…ممن نتذكرهم، يبدو ان الامر يتناسل ويتكاثر من خلال جماعات وتنظيمات مهمتها الابتزاز وإرهاب المجتمعات بالتهديد والوعيد والاغتيالات تحت هذه الراية او تلك…
عوداً على بدء كانت الدولة العثمانية تحتل أوروبا والجزيرة العربية وأجزاء من ايران ولكن انتهى مصيرها الى ان اصحبت دولة الرجل المريض وتم تقاسم نفوذها رغم انفها ، أليس من الاحسن معالجة الأسباب الي ستودي بالبلاد بسبب الجهل المتفشي في عقول اوهنها التعاطي واستلاب الشخصية وعبادة ارباب جدد، اليس في البلاد رجال حكماء يطوون صفحة التنابز ويركنون الى المعالجة بدلاً من التشفي واثارة النعرات… الاجندات التي تفرق الشعب تعمل بقوة ولا نسمع من يقول كفى..
ما ذنب شعب عانى ما عانى حقبة أربعين وبعدها عشرين لتستمر معاناته.
قد يقول قائل ان القوم أبناء القوم.. فماذا سيكون الجواب وماذا سيكون رد الفعل؟.

 

* الانكشارية المصدر : ويكبيديا
__________________________________
أن هذه الأهمية الكبيرة لفرقة الانكشارية تحولت إلى مركز قوة نغص حياة الدولة العثمانية، وعرضها لكثير من الفتن والقلاقل، وبدلاً من أن ينصرف زعماء الانكشارية إلى حياة الجندية التي جبلوا عليها راحوا يتدخلون في شؤون الدولة، ويزجون بأنفسهم في السياسة العليا للدولة وفيما لا يعنيهم من أمور الحكم والسلطان؛ فكانوا يطالبون بخلع السلطان القائم بحكمه ويولون غيره، ويأخذون العطايا عند تولي كل سلطان جديد، وصار هذا حقًا مكتسبًا لا يمكن لأي سلطان مهما أوتي من قوة أن يتجاهله، وإلا تعرض للمهانة على أيديهم.
وقد بدأت ظاهرة تدخل الانكشارية في سياسة الدولة منذ عهد مبكر في تاريخ الدولة، غير أن هذا التدخل لم يكن له تأثير في عهد سلاطين الدولة العظام؛ لأن قوتهم كانت تكبح جماح هؤلاء الانكشاريين، حتى إذا بدأت الدولة في الضعف والانكماش بدأ نفوذ الانكشاريين في الظهور، فكانوا يعزلون السلاطين ويقتلون بعضهم، مثلما فعلوا بالسلطان عثمان الثاني حيث عزلوه عن منصبه، وقتلوه سنة 1622، وفعلوا مثل ذلك مع السلطان إبراهيم الأول، فقاموا بخنقه سنة 1648، محتجين بمعاداته لهم، وامتدت أفعالهم إلى القتل أحيانا أو العزل .
ولم يكن سلاطين الدولة في فترة ضعفها يملكون دفع هذه الشرور أو الوقوف في وجهها، فقام الانكشاريون بقتل حسن باشا على عهد السلطان مراد الرابع سنة (1042 هـ=1632 م). ووقفوا أمام السلطان محمود الثاني عندما أراد أن يحدث جيشه وأقاموا التمرد واضطر السلطان إلى تأجيل محاولته لوقت لاحق .

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

455

3.5 2 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments