إعلام الاستعراض أم إعلام الثقافة.. بين الأناقة السطحية والمعرفة العميقة

بغداد – هف بوست عراقي

عدنان أبوزيد
يشهد الإعلام المرئي في العراق أزمة حقيقية تجسدها ظاهرة المذيعات غير المتخصصات اللاتي يقمن بمحاورة المتخصصين، ما يبرز الفجوة الشاسعة بين المعرفة السطحية والمعرفة العميقة الواعية. في هذا السياق، يظهر الكثير من المحاورات التلفزيونيات العراقيات قليلات الثقافة والمعرفة، وهن يعملن بطريقة تلقينية، لاسيما وأن الكثير منهن تحول إلى أدوات سياسية وإعلانية رخيصة.

رأي الخبراء

في هذا السياق، قال الصحافي والكاتب العراقي عبد الجبار العتابي إن مقدمة برنامج “جهة رابعة” منى سامي لا تمتلك مواصفات المقدمة الراكزة الواعية والسلسة بما تمتلك من أسلوب للنقاش وطرح الأسئلة المهمة. جاء هذا التصريح على خلفية حوارها التلفزيوني مع الباحث الإسلامي رحيم أبو رغيف، حيث كانت صاخبة ومستعجلة ومقاطعة بشكل فج لا يسمح له بتكملة سلسلة أفكاره.
وتابع : تشعر أن الرجل ضجر منها وأراد أن يجعلها تهدأ ليكمل فكرته، على عكس ما يجب أن تكون في حوارات مثل هذه حيث الهدوء والاستماع والصبر، إلى حد أنها تتسابق مع الرجل في محاولة القفز على طروحاته وتحاول أن تتثاقف فوق ثقافته والحد من تأثيره على السامع.
واستطرد: أنصحها بالهدوء إلى أبعد ما يمكن أن يكون عليه الهدوء وهو الاسترخاء، والاستماع والإصغاء إلى من تحاوره لتستل من أجوبته الأسئلة حتى وإن لم تكن محضرة لها.

الظاهرة الفاشنستية تطغى على الإعلام

تتسلل إلى الإعلام المرئي العراقي ظاهرة الفاشنستية الاستعراضية، ما يؤدي إلى تراجع دور المثقفات الواعيات العميقات في الطرح والأداء والثقافة. هذه الظاهرة تعكس تحولا خطيرا حيث أصبحت الفضاءات الإعلامية تسعى وراء الرواج والشهرة بدلاً من تقديم محتوى هادف ومعرفي.

الإعلام بين الرواج والشهرة الزائفة

أحد أسباب انتشار هذه الظاهرة يعود إلى سعي الفضائيات إلى تحقيق الرواج، وهو هدف يلتقي مع رغبات بعض الفتيات الباحثات عن الشهرة. إلا أن هذه الشهرة غالباً ما تكون زائفة وغير مستدامة، تعتمد على الشكل والأداء السطحي بدلاً من المحتوى العميق والمستدام.
و الإعلام المرئي في العراق بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم معاييره في اختيار المذيعات والمحاورات، بعيداً عن الظواهر الاستعراضية السطحية، والتركيز على العمق المعرفي والثقافة الواعية. هذا النهج سيعيد للإعلام دوره الحقيقي كمنبر للتنوير والتثقيف، بدلاً من أن يكون ساحة للبحث عن الشهرة الزائفة والرواج المؤقت.

الإيحاءات الاغرائية غير المناسبة في الإعلام التلفزيوني

وظهرت ظاهرة اجتماعية وإعلامية خطيرة تتجسد في تقديم بعض مذيعات التلفزيون برامجهن بطريقة تتضمن إيحاءات اغرائية غير مناسبة.
وتعتقد بعض المذيعات أن استخدام الإيحاءات الاغرائية هو وسيلة سريعة لتحقيق الشهرة والنجاح، إذ يعتقدن أن جذب الانتباه الذكوري لهن يمكن أن يعزز من شعبيتهن ويرفع من نسب المشاهدة لبرامجهن.

الجوع الغرائزي

يساهم الجوع الغرائزي لدى البعض من أصحاب المال والنفوذ في تبني مذيعات اغرائيات. وهؤلاء المستثمرين يرون في المذيعات الجريئات وسيلة لزيادة الأرباح من خلال برامج مثيرة للجدل، بغض النظر عن القيم والأخلاق الإعلامية.

الترويج للمتعة لا المعرفة

تلعب الثقافة السائدة دوراً كبيراً في الترويج للصورة الغرائزية للمرأة. وهذا التوجه يدفع بعض المذيعات إلى استخدام أجسادهن ووجوههن كأدوات لجذب المشاهدين، بدلاً من الاعتماد على محتوى ثقافي أو معرفي جاد.

وتغرق بعض المذيعات في لذة الاهتمام الذكوري بهن، ما يدفعهن لاستخدام أساليب غير لائقة لتحقيق الرواج والشهرة. هذا الاهتمام الذكوري قد يكون مضللاً، حيث يُركز على الجوانب الجسدية بدلاً من المهارات المهنية والمعرفية.

منصة استعراضية

ومع تزايد التوجه نحو الاستعراض والجذب البصري، تتحول بعض المذيعات إلى ما يمكن وصفه بـ “نصف فاشنست”، حيث يعتمدن على مظهرهن الخارجي أكثر من مضمون ما يقدمنه. وبعض المذيعات يعتبرن مثالاً على هذا التحول، وهن في طريقهن إلى التحول الكامل إلى الحالة السليكونية.

مسؤولية الجمهور

يلعب الجمهور دوراً مهماً في رفض هذه الظواهر من خلال الامتناع عن مشاهدة البرامج التي تعتمد على الإيحاءات الغرائزية، والمطالبة بمحتوى إعلامي ذو قيمة معرفية.

الحلول المقترحة

لا يمكن حل هذه الأزمة إلا من خلال تطوير المحاورات العراقيات أنفسهن ثقافياً وأداءً وسلوكاً ناضجاً، أو أن تعمل الفضائيات على استقطاب المحاورات على أساس المعرفة والمهنية بدلاً من التركيز على الشكل الخارجي.

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

3400

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments