بعد رحيل رئيسي: هيمنة المتشددين تطيح بـ المعتدلين وأحلام الإصلاحيين تتلاشى

بغداد – هف بوست عراقي

لقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان مصرعهما،  إثر تحطم طائرة مروحية كانت تقلهما برفقة عدد من المرافقين في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غربي البلاد. وقد أثار الحادث المأساوي صدمة كبيرة في الشارع الإيراني وفي الأوساط السياسية الداخلية.

ووضع رحيل رئيسي المفاجئ البلاد أمام استحقاق رئاسي عاجل لانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة. وأثار غيابه تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على المشهد السياسي المعقد، لا سيما فيما يتعلق بالتنافس الداخلي بين القوى المحافظة المسيطرة على السلطة بعد إبعاد المنافس الإصلاحي.

وكان صعود رئيسي للرئاسة في 2021 قد أثار جدلاً واسعاً بسبب إبعاد مرشحين إصلاحيين ومعتدلين، وإجراء انتخابات شهدت أدنى نسبة مشاركة (48.8٪) منذ ثورة 1979. وواجه رئيسي انتقادات لاذعة من معارضين داخليين وخارجيين، وصلت أحيانًا لحد الاستهزاء به بسبب تصريحاته وهفواته اللفظية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنه تجنب الانجرار إلى سجالات سياسية واستقطابية، محاولاً إظهار نفسه فوق الاعتبارات الفئوية والممارسات الحزبية، مع الحفاظ على علاقات مع شخصيات إصلاحية.

ردود الفعل وسيناريوهات المستقبل:

كان رئيسي يمثل نقطة إجماع بين المحافظين الذين بدأ التنافس يشتد بينهم في السنتين الأخيرتين، كما عكست الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدت أدنى مشاركة في تاريخ الجمهورية (41٪). ومن المتوقع أن يفقد غياب رئيسي التيار المحافظ عنصراً موحداً له، وسط تصاعد الخلافات والتنافس الداخلي الذي قد يحتدم أكثر خلال الانتخابات الرئاسية الجديدة المقررة في 28 يونيو المقبل.

وكانت شعبية رئيسي أكبر في المدن الصغيرة والمناطق النائية مقارنة بالمدن الكبرى، حيث ركز على زيارات ميدانية مكثفة للمحافظات خلال السنوات الثلاث الماضية.

وقال نائب رئيس جمعية “بيت الأحزاب الإيراني”، حسين كنعاني مقدم، إن رحيل الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي “سيترك تأثيرات على الساحة السياسية الإيرانية وتشكيلة الحكومة المقبلة”، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن غيابه “لن يتسبب بخلل في إدارة البلاد”.

وتوقع كنعاني مقدم، الخبير والناشط السياسي المحافظ، أن التغييرات المقبلة ربما تحسن الوضع ويتم تشكيل حكومة أقوى، داعياً إلى عدم القلق. ولفت إلى أن رئيسي كان يتصرف فوق الاعتبارات الحزبية ويحظى باحترام مختلف القوى السياسية بما فيها الإصلاحيون رغم الخلافات معه.

وعن تأثير رحيل رئيسي على التنافس بين التيارات المحافظة، اعتبر كنعاني مقدم أن هذا التنافس ينعكس عادة على الانتخابات والسلطة، لكن هذه التيارات تعود للوحدة والانسجام عندما تتعرض لأزمة. وأشار إلى أن التيار المحافظ حالياً في “حالة صمت” لكنه لا يستبعد اشتداد التنافس داخله مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وكان رئيسي في توافق تام مع مؤسسة القيادة والمرشد علي خامنئي الذي نعاه بحزن واصفاً إياه بـ”العزيز المكافح والنبيل والمتفاني”. كما كان رئيسي من المرشحين المحتملين لخلافة خامنئي، ما يعني أن إيران خسرت أحد أبرز هؤلاء المرشحين.

وفي هذا الصدد، قال كنعاني مقدم إن لجنة في مجلس خبراء القيادة تدرس مختلف الخيارات والمرشحين المحتملين لخلافة المرشد من دون علمهم، مضيفاً أنه “لا حاجة لبحث الخلافة الآن” لأن خامنئي يتمتع بصحة جيدة ستبقيه في منصبه لسنوات.

واختار مجلس خبراء القيادة، أمس الثلاثاء، رجل الدين المحافظ محمد علي موحدي كرماني (92 عاماً) رئيساً له لمدة عامين، كما انتخب نائبين له في دورته الجديدة عقب انتخابات أقصي فيها الرئيس السابق حسن روحاني.

من جهة، قلل الخبير والناشط السياسي المحافظ حسين كنعاني مقدم من تأثير غياب رئيسي، مشيراً إلى أن ذلك لن يتسبب بخلل في إدارة البلاد، وأن التغييرات المقبلة ربما تحسن الوضع وتؤدي لتشكيل حكومة أقوى. وتوقع اشتداد التنافس بين التيارات المحافظة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

في المقابل، رأى الخبير الإصلاحي صلاح الدين خديو أن رحيل رئيسي، الذي يمثل رمزاً لـ”تنقية السلطة وتوحيدها” بيد المحافظين، لن يكون بلا تأثير على المشهد السياسي الإيراني.

وأوضح خديو أن سياسة إقصاء “غير الذوات” بما في ذلك المحافظين المعتدلين، ولَّدت “ديناميكيات خاصة” في السياسة الداخلية والخارجية، كاشتداد التنافس بين المحافظين أنفسهم وبينهم وبين المتشددين، كما انعكس في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ذات المشاركة الشعبية الضعيفة.

ورأى أن من تداعيات غياب رئيسي تشديد الخلافات الداخلية بين المحافظين خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما قد يساهم في عودة شخصيات محافظة معتدلة إلى ساحة التنافس، كالرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني.

لكنه استبعد السماح بعودة شخصيات إصلاحية ومعتدلة مثل الرئيس السابق حسن روحاني، متوقعاً أن يحل رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف محل رئيسي.

في المقابل، أشار كنعاني إلى أن لجنة في مجلس خبراء القيادة تدرس مختلف الخيارات لخلافة المرشد علي خامنئي الذي كان على توافق تام مع رئيسي، معتبراً أنه لا حاجة لبحث الخلافة الآن لأن خامنئي يتمتع بصحة جيدة.

 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments