في عراق الأوقاف السنية والشيعية.. أكثر من مليار دولار تُذبح سنويا من الموازنة لإرضاء شهوات الترف الديني..

بغداد – هف بوست عراقي

أثارت الزيادة الكبيرة في التخصيصات المالية للأوقاف الدينية الشيعية والسنية في موازنة العراق لعام 2024 جدلاً واسعًا، حيث اعتبرها تحليل استنزافًا للموارد العامة، فيما دافع رجال دين وسياسيون متدينون عن ضرورة دعم هذه المؤسسات لدورها الديني.

ووفقًا للأرقام الواردة في مشروع الموازنة، ارتفعت تخصيصات الأوقاف الدينية من 1.912 تريليون دينار (1.3 مليار دولار) في موازنة 2023 إلى 2.564 تريليون دينار (1.76 مليار دولار) للعام الحالي 2024، وهو ما يعادل أكثر من ضعف تخصيصات وزارتي الصناعة والزراعة مجتمعتين.

وانتقد نشطاء وخبراء اقتصاديون هذه الزيادة الكبيرة، معتبرين أن الأوقاف الدينية من المفترض أن تكون مصدرًا لتمويل ميزانية الدولة وليس العكس، خاصة مع تدفق مئات الآلاف من الزوار السنة والشيعة من خارج العراق سنويًا إلى المراقد والمزارات الدينية في البلاد.

وقال الخبير الاقتصادي علي بدر “لا يمكن تبرير هذه الزيادة الكبيرة في تخصيصات الأوقاف، فهي تتلقى مبالغ طائلة من إيرادات الزيارات الدينية والتبرعات، ويجب أن تكون مصدرًا لتمويل الدولة وليس العكس.”

من جانبه، حذر المحلل السياسي أحمد حاتم من “معادلة خطيرة تستنزف المال العام، خصوصًا مع الفساد المعترف به في الأوقاف الدينية لكل الطوائف.”

و تعتبر الأوقاف الدينية الشيعية والسنية من أكبر وأقدم المؤسسات الدينية في العراق، وتمتلك أملاكًا وممتلكات ضخمة،و تتولى إدارة المراقد والمزارات الدينية ومناسباتها، بالإضافة إلى العديد من المشاريع والأنشطة الخيرية والتعليمية، وهي تحصل على إيرادات كبيرة من التبرعات والهدايا والزيارات الدينية والسياحية والاستثمارات العقارية و تتمتع بصلاحيات واسعة وتشريعات خاصة تمنحها قدرًا كبيرًا من الاستقلالية عن الدولة.

وأضاف حاتم: “أصبحت الأوقاف عبارة عن دول مستقلة داخل العراق، فتقيم المشاريع لوحدها، وتضع القوانين الخاصة بها لوحدها من دون أي سيطرة للدولة عليها.”

ويُعدّ الفساد في مؤسسات الأوقاف السنية والشيعية في العراق ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، لها جذور تاريخية وسياسية واجتماعية واقتصادية. وقد برزت هذه الظاهرة بشكل جليّ في السنوات الأخيرة، مما أثار استياءً شعبيًا واسعًا ودفع إلى المطالبة بإصلاحات جذرية.

وتتعدد أشكال الفساد في أوقاف العراق، وتشمل منح الوظائف في الأوقاف غالبًا على أساس المحسوبية والانتماءات السياسية أو الطائفية، بدلًا من الكفاءة والجدارة.

و تتعرض أموال الأوقاف لسوء إدارة، بما في ذلك الهدر والاختلاس وسوء الاستثمار.

قضية اختلاس أموال ديوان الوقف السني 

في عام 2021، كشفت تحقيقات صحفية عن اختلاس مبالغ كبيرة من أموال ديوان الوقف السني، تقدر بنحو 250 مليار دينار عراقي. واتُهم مسؤولون كبار في الديوان بالتورط في القضية.

صيانة جامع أم القرى

في عام 2020، طالت اتهامات الفساد مشروع صيانة جامع أم القرى في بغداد، حيث تم الكشف عن هدر للمال العام وتضخيم التكاليف.

تأجير أملاك الوقف الشيعي

في عام 2019، كشفت تقارير صحفية عن تأجير أملاك الوقف الشيعي بأسعار زهيدة جدًا، مما أدى إلى ضياع أموال طائلة.و تُستغلّ أملاك الأوقاف بشكل غير قانوني، من خلال تأجيرها بأسعار زهيدة أو الاستيلاء عليها من قبل جهات نافذة.
و تُشوب مشاريع الأوقاف شبهات فساد، مثل التلاعب بالمناقصات وتضخيم التكاليف.

و كشفت تحقيقات صحفية عن تأجير أراضي الأوقاف بأسعار زهيدة جدًا، مما أدى إلى ضياع أموال طائلة.

و طالت اتهامات الفساد مشاريع صيانة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، حيث تم الكشف عن هدر للمال العام وتضخيم التكاليف.
كما برزت ظاهرة التوظيف المحاصصي في أوقاف العراق، حيث يتم تعيين أشخاص غير مؤهلين في مناصب إدارية عليا.

وفي العام ٢٠٢٣ شكل هروب رئيس ديوان الوقف السني السابق في العراق من سجن في مركز شرطة كرادة مريم في العاصمة بغداد، إحراجا كبيرا للسلطات العراقية، وعزز الشكوك في فاعلية المعركة التي أعلن عنها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضد الفساد.

وفي العام ٢٠١٦ أحالت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي أكثر من عشرة ملفات فساد إلى هيئة النزاهة تخص رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق علاء الموسوي.

وفي العام ٢٠٢١ ، أكدت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي وجود فساد بديوان الوقف السني،  مطالبة بإقالة رئيس الوقف السني أحمد عبد الغفور السامرائي .

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

2677