لماذا تلغى اتفاقية الوحدة الاقتصادية.. البرلمان يُلقي بالعراق في دوامة الفوضى الاقتصادية

بغداد – هف بوست عراقي (منصة الخطاب المختلف):

في خضم فوضى الأحداث التي تشغل الرأي العام العراقي، يبرز من يحاول توجيه الانتباه بعيداً عن القضايا المصيرية، عبر التركيز على أحداث هامشية ومسلسلات تُثير الجدل والصياح ولا تقدم للمواطن سوى التسلية العابرة. وسط هذا الضجيج الذي يغمر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، تُنسى القضايا الأكثر أهمية، وفي مقدمتها المصلحة الاقتصادية للعراق، التي تواجه خطراً حقيقياً بسبب قرار مجلس النواب العراقي بالسعي لإلغاء “قانون تصديق على اتفاقية الوحدة الاقتصادية بين دول الجامعة العربية رقم (169) لسنة 1963”.

ويرى الكاتب والصحافي محمد وذاح أن القرار الذي طُرح أمام البرلمان يوم الأحد الماضي كقراءة أولى، ضمن جدول الأعمال في الفقرة (ثالثاً)، يشكل تهديدًا كبيرًا للشركات العراقية واقتصاد البلاد بشكل عام.

وأضاف وذاح، بلهجة يكسوها القلق، أن المضي في هذا الاتجاه يحمل تداعيات اقتصادية خطيرة، ليس فقط لأنه قد يوجه ضربة موجعة للاقتصاد العراقي، بل لأنه يمس بشكل مباشر بالمصالح الاستراتيجية للعراق.

وتشير التحليلات الاقتصادية إلى أن هذا القرار سيؤدي إلى خسائر مالية فادحة للعراق، إذ أن انسحاب العراق من اتفاقية الوحدة الاقتصادية يعني التخلي عن مساهماته في شركات عربية رائدة مثل الشركة العربية للاستثمارات، والشركة العربية لإنتاج الألبان، والشركة الأردنية العراقية، والشركة العربية في النهروان، والشركة العربية لإنتاج الغسالات، والشركة العربية أكيديا للقاحات.

وتُمثل هذه الشركات استثمارات استراتيجية شارك فيها العراق بمليارات الدولارات منذ مطلع الستينيات من القرن الماضي، وإلغاء القانون سيعني التخلي عن هذه الاستثمارات وأسهم العراق فيها، مما يعمق من الخسائر المالية ويؤثر على قدرة العراق في الاستفادة من هذه الاستثمارات.

وعلاوة على الخسائر المالية المباشرة، فإن هذا القرار يحمل في طياته تأثيرات اقتصادية بعيدة المدى، حيث يُضعف قدرة العراق على التفاعل والتفاوض بالمثل مع الدول العربية في الجانب الاقتصادي. ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن العراق قد يجد نفسه مستهلكًا للبضائع دون قدرة على فرض شروطه، مما يحوله من شريك اقتصادي فعال إلى مجرد سوق استهلاكي يفتقر إلى قوة تفاوضية حقيقية.

وفي خطوة تحمل الكثير من المفاجآت والتساؤلات، يبدو أن البرلمان العراقي يتجه نحو إلغاء اتفاقية الوحدة الاقتصادية بين دول الجامعة العربية، تلك الوثيقة التي وُلدت من رحم أحلام الوحدة والتكامل العربية قبل أكثر من ستين عامًا. البرلمان اليوم، وكأنه يُمزق أوراق مشاريع الاستثمار والإرث الاقتصادي، يفتح أبوابًا من الغموض أمام مستقبل الاقتصاد العراقي.

إنها ليست مجرد خطوة سياسية، بل هي رحلة نحو مستقبل مجهول، تهدد بتبديد أحلام الشركات والمشاريع التي ازدهرت تحت مظلة هذه الاتفاقية. فالعراق يقف الآن على مفترق طرق، ويبدو أن القرار بإلغاء الاتفاقية يرمز إلى انفصال عن مسار التعاون الاقتصادي العربي، ليجد نفسه أمام تحديات جديدة تفرض عليه إعادة النظر في استراتيجياته الاقتصادية والتنموية.

 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments