من عقال الجدّ إلى تظاهرات تشرين: عبد المهدي في مرآة الجدل الأبدي

بغداد – هف بوست عراقي (منصة الخطاب المختلف):

عدنان أبوزيد

في زوبعة من الجدال المجتمعي والسياسي، نشر حسين هنين، صورة لرئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي مرتديًا العقال والعباءة العربية.
الصورة التي حملت في طياتها الكثير من الرموز والإيحاءات الثقافية، أضحت سريعًا وقودًا لنقاشات واسعة، تجاوزت حدود السياسة المعتادة لتلامس أسئلة الهوية والانتماء.

كتب هنين معلقًا: “بعيدًا عن السياسة، قريبًا من الهوية”. وأشار إلى تساؤلات عديدة تلقاها حول هذا الزي الذي ظهر به عبد المهدي بجانب الشيخ قيس الخزعلي.

هنين، الذي يعرف فكر عبد المهدي عن كثب، نقل تلك التساؤلات إليه، سواء تلك المتهكمة أو المادحة، ليحصل على إجابة عميقة تكشف الكثير عن أفكار الرجل.

عبد المهدي، في رده على هنين، قدم صورة لجده تعود للقرن التاسع عشر، وهو يرتدي نفس العقال، مشيرًا إلى أن تلك الملابس كانت الزي التقليدي في العراق حينها.

وأشار بأسى إلى أن الهوية الثقافية للعراق تم غزوها قبل أن يتعرض للاحتلال العسكري، مشيرًا إلى أن العودة إلى هذا الزي هو محاولة للعودة إلى الهوية الأصلية التي طمست بفعل التأثيرات الغربية.

وعلق ساخرًا: “لماذا لا يعترض مثقفونا على ملابس شيوخ الخليج؟”.

هذا الظهور الجديد لعبد المهدي لم يكن معزولًا عن إرثه السياسي، فكل إطلالة أو منشور له يعيد إلى الأذهان الحقبة المثيرة للجدل التي تولى فيها رئاسة الحكومة، حقبة شهدت أحداثًا سياسية كبرى أبرزها تظاهرات تشرين. تظاهرات كانت بمثابة زلزال سياسي، حيث خرج الشعب محتجًا ضد الفساد وسوء الإدارة، وتعرض المتظاهرون للعنف، وهو ما شكّل نقطة إشكالية في سجل تاريخ الحكومات العراقية.

خصوم عبد المهدي لا يزالون يذكرون بأن حكومته كانت أول حكومة بعد 2003 استخدمت العنف ضد المتظاهرين السلميين، ما أدى إلى حدوث سابقة خطيرة في تاريخ الصدام بين الشعب والقوات الأمنية. بينما يرى مؤيدوه أن حكومته كانت ضحية لمؤامرة تهدف إلى إسقاط النظام السياسي في العراق، معتبرين أن ما حدث في تلك الفترة كان أشبه بمحاولة انقلابية تستهدف قلب الأوضاع رأسًا على عقب.

ومن المفارقات، أن حكومة عبد المهدي كانت “الأولى” بعد 2003 التي كُلفت بتوافق سياسي دون الالتزام بتحديد الكتلة الأكبر وفقًا للمادة 76 من الدستور، مما جعلها محل جدل قانوني وسياسي منذ البداية.

وهكذا، يتداخل الإرث السياسي والشخصي لعبد المهدي، في مزيج معقد من الهوية، السلطة، والمواقف المفصلية.

محلل سياسي، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال إن ارتداء عادل عبد المهدي الزي العربي التقليدي ليس مجرد اختيار عابر للأزياء، بل هو رد فعل مدروس لما يُشاع عن انخراطه في “مشروع المقاومة” الذي تقوده إيران. فمع الاتهامات التي تطارده بانحيازه لطهران، يبدو أن عبد المهدي أراد أن يظهر للعالم هويته العربية بوضوح، ليُسكت الألسنة التي تتهمه بالتبعية.

غير أن الأمر لا يقف عند هذا الحد. فشغفه بإرث عائلته “الاقطاعي” وتاريخها يمتزج بهذا الظهور، إلى درجة جعلته يرتدي عقالًا من زمن مضى، زمن لم يعد أحد يرتديه في حاضرنا، وكأن عبد المهدي أراد أن يجسد عبر هذا الزي تاريخًا يمتد لعقود، ليؤكد من خلاله ارتباطه بجذوره، في محاولة للرد على كل من يشكك في هويته.

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments