– هف بوست عراقي (الحقيقة بلا فلتر):
سها النجار، تلك المرأة التي رُفعت إلى مقام رئيسة هيئة الاستثمار، ليست سوى رمز آخر في سلسلة طويلة من وجوه الفساد التي تغذت على دماء العراقيين وعرقهم.
رسمت النجار، لنفسها صورة مزيفة على انها امرأة امتلكت شركات في المملكة المتحدة، وأسست لنفسها سمعة رائدة في مجال الأعمال، وشغلت مناصب في بنوك كبرى. غير أن هذه الصورة المثالية التي رسمتها بيديها لم تكن سوى سراب وكذب.
الواقع أن سها النجار لم تكن سوى موظفة بسيطة، لم تخرج من دائرة الإخفاق في عالم الاستثمار. فقد كانت في أفضل الأحوال مندوبة لدى شركة اتصالات، وكان نجاحها المزعوم مجرد كذبة لبستها من أجل خدمة مصالحها ومصالح من رعتها من أصحاب النفوذ. لكن، وبحكم العلاقات المشبوهة التي نسجتها في حقبة حكومة مصطفى الكاظمي، تمكنت من الوصول إلى منصب رئيسة هيئة الاستثمار، رغم غياب أي مؤهل أكاديمي يبرر تسلمها هذا المنصب الرفيع.
هذه الشخصية الفاسدة، أخفت حقيقة مؤلمة: امرأة بوجهين، أحدهما يعكس ضوء الكاميرات، والآخر يكمن في ظلام الغرف المظلمة حيث تدار الصفقات المشبوهة.
تدور الأحاديث في الأوساط الاقتصادية عن المبالغ التي سطت عليها النجار خلال فترة توليها هذا المنصب. مئات الملايين من الدولارات سقطت في خزائنها، ورغم أن فترة إدارتها قصيرة، فإن الكوارث التي خلفتها ستظل طيّ الظلال لعقود.
تلاحقها مسؤولية انهيار “المجمع الطبي” في ساحة الواثق، الذي لم يكن مجرد مشروع فاشل، بل شاهدًا على حجم الفساد الذي تنخر فيه دودة النجار.
لم تكن النجار وحدها من استفادت من هذا الخراب؛ فقد كانت هناك ملفات مشاريع استراتيجية أخرى تُقدّر تكلفتها بمئات الملايين، حيث كانت تتقاضى العمولات، وتوزع الرشاوى، وتغرف من المال العام بلا رادع.
ملفاتها لا تقتصر على المجمع الطبي، بل تمتد إلى ملفات فساد تتعلق بمولات تجارية في بغداد، ومشاريع الرفيل بالقرب من مطار العاصمة. كانت النجار تجيد الابتزاز بمهارة، حيث امتهنت استغلال شركات الاستثمار، وضمنت لنفسها نصيبًا وافرًا من الصفقات المشبوهة، واحتفظت بسلطة منح القروض وتحديد فترات السماح للتجار، فكانت تقتنص الفرص وتغرف من المال العام حتى آخر قطرة.
ولكن، كما هي حال الكثير من ناهبي المال العام في العراق، ظلت النجار في مأمن، تتنقل بين مراكز النفوذ، بعيدًا عن أي حساب أو عقاب.
غادرت منصبها بسلام، تاركة وراءها ملفات فساد مهملة على رفوف النسيان، في حين ظلت ملايين الدولارات في جيوبها، وأعين العراقيين تراقب بعجز هذه القصة، لتصبح شهادة على فساد يستعصي على النسيان.
الحكم الذي صدر بحق النجار بالسجن سبع سنوات قد يبدو خطوة متأخرة، لكنه لا يعفي الحقيقة المرة بأن الفاسدين في العراق لا يزالون يملكون القدرة على الهروب من العقاب، وأن المصائب التي أوقعوها على الشعب تظل هي الأثقل في محطات تاريخ بلد ظل يعاني من عبء الفساد المزمن. هذه ليست نهاية القصة، بل مجرد صفحة من قصة طويلة لا تزال قيد الكتابة.
القضاء العراق هو الأمل في إبادة هذه الديدان.
لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)
تابع صفحتنا في فيسبوك هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود.. المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم: 0031613350555 |