براغماتية العمامة السوداء: قراءة في الحكيم والصدر

– هف بوست عراقي (الحقيقة بلا فلتر):

 

عدنان أبوزيد

ظن البعض أن العمامات السوداء لا تُنجب سوى المواقف العقائدية الصلدة، وأنها أسيرة صخب الشعارات، لكن حين وضعت الأقدار، الجميع على المحك، انبثقت منها حكمةٌ عميقة وبراغماتية راجحة، تفوقت على كل من ملأ الساحات ضجيجًا باسمها.

إنها واقعية تستتر بالسواد، لكنها أبهى نورًا حين تسود الفوضى.

وفي سماء الشرق الأوسط المتقلبة، حيث تموج الأحداث وتشتعل النزاعات، تقف الحكمة أحياناً كأنها نسمة هادئة وسط العاصفة.
وفي عراق تعصف به التحديات، برزت زعامات ارتدت العمامة السوداء، لكنها خيطت مواقفها بخيوط من الحكمة والتأني، لتسطر درساً في فن القيادة وسط الفوضى.

حين غطى الدخان، سماء سوريا، وكان الدم المسفوك حروفاً على صفحة حرب ضروس بين النظام والمعارضة، علت أصوات في العراق تطالب بالتدخل، وكأن البلاد المنهكة لا يكفيها عبء جراحها.
وبين صراخ المحشّدين وأصوات الطبول المدوية، انبثقت مواقف صافية من زعيمين: عمار الحكيم ومقتدى الصدر. الأول نأى بنفسه عن اللهب السوري داعياً إلى التركيز على الداخل العراقي، والثاني شدد على ضرورة أن يظل العراق بعيداً عن نزاعات لا تُحمد عواقبها.

لقد اختارت العمامتان السوداويتان طريق الحكمة بدلاً من ركوب أمواج المغامرة، في وقت كانت الأضواء تغري الكثيرين بالمشاركة في لعبة النار.

وحين تساقطت أوراق النظام السوري، بُهت الذين صرخوا من قبل، وارتفعت في المقابل قيمة البراغماتية السياسية، تلك التي ترى أبعد من اللحظة الراهنة إلى ما ينتظر بعد العاصفة.

العراقيون، على الرغم من صعوباتهم، أدركوا أن صوت العقل لا يصدأ، وأن القادة الذين يتسمون بالحنكة هم من يملكون القدرة على العبور بسفينة البلاد إلى شاطئ آمن.

قد يقول البعض إن العراق يواجه ارتدادات من الساحة السورية، ولكن الحقيقة أن هذه الدولة، بما تمتلكه من تجربة ديمقراطية، وزعامات مدركة لحجم المسؤولية، قادرة على امتصاص الصدمات.

العراق بحاجة إلى زعامات لا تنجرف مع الحماسة العمياء، زعامات تحسب خطواتها بمقياس الحكمة وتُعمل العقل قبل أن تمتد اليد إلى الزناد، فالسلاح، في حسابات الدول الرشيدة، ليس سوى حارس أمين للأرض، لا أداة في مغامرات عبثية تجر الويلات.

علاقات القوى تتبدل، والتاريخ لا يرحم من أخطأ الحساب. وفي ظل المعادلات الجديدة، يحتاج العراق إلى عيون مفتوحة على المستقبل، ترى بوضوح ما وراء الضباب.
لوحة المستقبل بريشة الحكيم والصدر.

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments