الهواتف ممنوعة والحرية مقيدة: يوميات طالبات العراق في الأقسام الداخلية

– هف بوست عراقي (الحقيقة بلا فلتر):

في مجمع صغير بمدينة بغداد، يقف السكن الجامعي كحل وحيد أمام الطالبات القادمات من المحافظات البعيدة. خلف أسواره، لا يقتصر الأمر على الدراسة والمبيت، بل يتعداه إلى مواجهة يومية مع قيود صارمة تحكم حياتهن وتؤثر على طموحاتهن.

علياء أحمد، طالبة في كلية الهندسة بجامعة بغداد، تصف حياتها في السكن الجامعي بـ”السجن”، حيث تقول: “أقضي معظم وقتي تحت وطأة قوانين لا تراعي احتياجاتنا ولا كرامتنا. مشرفات السكن يتعاملن معنا بطرق مهينة، وأي خطأ بسيط، كنسيان تنظيف المطبخ، يتحول إلى أزمة.”

علياء ليست وحدها في هذه المعاناة، فهي تمثل صوت مئات الطالبات اللاتي يعشن تجارب مشابهة.

أحد أكثر القوانين المثيرة للجدل هو منع استخدام الهواتف الذكية داخل السكن الجامعي.

تقول رنا جابر، طالبة في جامعة ديالى: “هذا الحظر يجعلنا نشعر بالانفصال التام عن العالم الخارجي. كلما احتجنا لتوثيق ملاحظات أو البحث عن معلومات، نصطدم بغياب الأدوات التكنولوجية الضرورية.”

وتشير إلى أن هذه القيود فتحت الباب أمام حملات تفتيش يومية تقوم بها المشرفات، مما يفاقم شعور الطالبات بانتهاك الخصوصية.

الطالبة سارة.ع من جامعة ذي قار تذهب أبعد من ذلك، مؤكدة أن السبب الحقيقي وراء هذه القيود ليس الحفاظ على الخصوصية، بل الخوف من كشف الحقائق.

تقول: “البنايات تعاني من سوء الخدمات، وانقطاع المياه والكهرباء لساعات طويلة، وهذه الأمور هي ما لا تريد الإدارة توثيقه.” تضيف بحزن: “لم أسمع عن مشكلات شخصية بسبب الهواتف، لكنني رأيت كيف تحرمنا القوانين من أبسط حقوقنا.”

المعاناة لا تتوقف عند القوانين التكنولوجية، إذ تفرض قيود صارمة على حركة الطالبات. الخروج من السكن لا يُسمح به إلا في ساعات محددة، مما يعطل قدرتهن على قضاء احتياجاتهن الشخصية. “حتى التسوق البسيط يتحول إلى معركة مع الوقت والقوانين”،

تقول علياء بنبرة يائسة.

من جانبها، تدافع إلهام الشمري، مديرة أحد المجمعات السكنية في بغداد، عن هذه الإجراءات بقولها: “عائلات الطالبات تضع علينا مسؤولية كبيرة، ونحن نتعرض لتهديدات مباشرة إذا وقعت أي مشكلة. الوضع الأمني والسلوكيات الفردية يفرضان علينا أن نكون أكثر تشدداً.”

لكن وسط هذه القيود، هناك أصوات ترتفع للمطالبة بالتغيير. منصات التواصل الاجتماعي شهدت حملة أطلقتها طالبات تحت وسم #حقوق_الطالبات، حيث تسرد الطالبات قصصهن وتنادين بإصلاح الأوضاع. إحدى المشاركات كتبت: “نريد بيئة تحترم إنسانيتنا، لا سجوناً تقتل طموحنا.”

تظل معاناة طالبات السكن الجامعي صورة واضحة للصراع بين الحاجة إلى التعليم والقيود الاجتماعية والإدارية في مجتمع يواجه تحديات مركبة. وبينما تستمر الأصوات المطالبة بالتغيير، يبقى السؤال: هل ستجد الطالبات من يستمع إليهن؟.

 

 

 

لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)

 

تابع صفحتنا في فيسبوك

هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود..  المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها

اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم:   0031613350555

 

0 0 votes
Article Rating

قصص اخرى

Subscribe
Notify of
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments