– هف بوست عراقي (الحقيقة بلا فلتر):
في مشهد سياسي متكرر داخل أروقة البرلمان العراقي، يتصارع النواب على ملفات الفساد وكأنهم يتنافسون على منصات البطولات الشخصية، حيث يدعي كل نائب أنه صاحب الاكتشاف العظيم.
هذا الصراع المحتدم ظهر جلياً في خلافات حادة بين النائب ضياء الهندي والنائبة نفوذ الموسوي، من جهة ونواب آخرون من جهة أخرى، اللذين تبادلوا الاتهامات حول نسب الفضل في كشف قضايا فساد أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية.
بطولات وهمية واستغلال القضايا العامة
يتحول مجلس النواب أحياناً إلى ساحة لاستعراضات سياسية لا تخلو من الأبعاد الانتخابية. فكل نائب يحاول التقمص بدور البطل الذي يقف وحده في وجه الفساد، لكن هذا الصراع غالباً ما ينتهي إلى لا شيء ملموس.
النواب الذين يقدمون ملفات فساد قد يجدون أنفسهم وسط اتهامات متبادلة مع زملائهم الذين يسعون لنسب الإنجاز لأنفسهم.
مثل هذه المعارك ليست سوى انعكاس لواقع سياسي يعاني من غياب الجدية في معالجة ملفات الفساد. الصراعات النيابة الداخلية تفتقر إلى الأهداف الواضحة، وغالباً ما تكون خالية من المحتوى الحقيقي أو موجهة بأجندات سياسية وقطبية.
فساد المشاريع وصراعات المصالح
الفساد الذي يشوه المشاريع الاستثمارية في العراق ليس مجرد نتيجة لإهمال أو سوء إدارة، بل هو امتداد لصراع النفوذ بين النواب ومراكز القوى السياسية والعشائرية.
وتتحدث مصادر كيف يتم استغلال لجنة الاستثمار البرلمانية لتأسيس شركات تعمل في الظل، حيث يحيل النواب مشاريع بمليارات الدنانير إلى مقاولين مرتبطين بهم.
وبلغ الأمر ذروته ان احدهم بات يطلق عليه لقب “تمساح الفساد”.
هذه الصراعات لا تتوقف عند حد الاستحواذ على المشاريع، بل تمتد إلى تعطيل القوانين والمشاريع التي تخدم الصالح العام. فبينما يركز النواب على تقاسم الحصص، تظل مصالح المواطنين في ذيل قائمة الأولويات.
مجلس النواب: منبر التصريحات دون أفعال
البرلمان العراقي يعاني من ظاهرة غياب الفاعلية في دوره الرقابي والتشريعي. وبدل أن يكون ساحة لمساءلة الحكومة وتقييم أدائها، يتحول أحياناً إلى منصة للسفرات والتصريحات الإعلامية.
وتُعلق استجوابات الوزراء في أروقة المجلس بلا مواعيد محددة، في حين تُبرم التسويات خلف الكواليس، حيث يصمت النائب حالما يحصل على نصيبه من “المقسوم”.
لكن هناك نواب مخلصون لعملهم، ونجحوا في الكشف عن الكثير من ملفات الفساد بجدية وإخلاص.
وفق المادة 61 من الدستور العراقي، يحق لمجلس النواب استجواب الوزراء ومحاسبتهم، لكن هذه الصلاحية تظل مجرد نصوص قانونية لا تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي.
وفق نائب سني، في تواصله مع هف بوست عراقي، فان الاستجوابات غالباً ما تُوجه وفق اعتبارات سياسية، حيث تتركز على وزراء الأكراد والسنة بينما يتم تجاوز وزراء الكتل المسيطرة على البرلمان، وفي مقدمتها الاطار الشيعي.
الأجندات السياسية وتضليل الرأي العام
ليس غريباً أن تكون هذه الصراعات مدفوعة بأجندات سياسية واقتصادية. فكل كتلة تسعى لتصفية حساباتها مع الأخرى أو تحقيق مكاسب مادية عبر المساومة على ملفات الفساد. هذا الواقع يوضح كيف أصبح البرلمان منصة لتصفية الحسابات السياسية أكثر من كونه مؤسسة تشريعية تُعنى بخدمة الشعب.
واعترف السياسي العراقي هادي العامري قبل سنوات، ان الملفات تغلق وفق تسويات.
وبينما تنشغل القوى السياسية في صراعاتها الداخلية، يظل المواطن العراقي هو المتضرر الأكبر. في ظل هذا الواقع، يصبح الإصلاح الحقيقي بعيد المنال ما لم يتم إصلاح النظام السياسي ككل وضمان استقلالية المؤسسات الرقابية والقضائية عن الضغوط السياسية.
لقراءة المقال باللغة الانكليزية أنقر على الايقونة (يمين المقال)
تابع صفحتنا في فيسبوك هف بوست عراقي تنشر النصوص بلا قيود.. المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مصدرها اعلان: هل تريد انشاء موقعك الرقمي المكتبي، وكالتك الخبرية، موقع لمركزك البحثي.. يمكن ذلك وبأرخص الأسعار.. الاتصال على الرقم: 0031613350555 |